في العالم تمثلاً، يستهل شوبنهاور كتابه بالتنويه على ضرورة أن يلم القارىء بالفلسفة الكانتية التي وضعها الفيلسوف كانت (إيمانويل كانط) في ثلاث كتب رئيسية و هي " نقد العقل المحض" الذي يعتبر العمل الرئيس لكانت ثم " نقد العقل العملي" و أتبعهما ب"نقد ملكة الحكم"، و بعد هذا التنويه والاشارة لهذه المصادر المهمة التي ينبغي الالمام بها قبل الخوض في فلسفة شوبنهاور، يشير الأخير إلى أن فلسفته أيضاً قائمة على ضرورة الاطلاع على مبادىء الفلسفة الهندية الروحية التي تقدمها الفيدا وهي الكتاب الهندوسي المقدس.
ويبدو أن فكر شوبنهاور قد تأثر بهذا التيار الروحي وسيلاحظ القارىء الأسلوب الأدبي الرائع الذي يميز كتابات شوبنهاور بعكس كتابات كانت التي تتصف بالجفاف الأدبي .
وبهذا يعتبر شوبنهاور من الفلاسفة الذين يؤمنون بمركزية الذات مقابل الموضوع الذي هو العالم المتمثل أمام تلك الذات و ليس العكس كما لدى بعض الفلاسفة الاخرون الذين ينطلقون من الموضوع لفهم الذات .
تنقل شوبنهاور عبر هذا الكتاب لمواضيع مختلفة أهمها وأبرزها موضوع الجذر الرباعي للعلة الكافية والذي يمثل موضوع أطروحته التي قدمها للدكتوراه و كان كثيراً ما يحيل القارىء لتلك الأطروحة.
يعتبر شوبنهاور أن الادراك العياني يسبق الادراك الذهني ويعتبر أن لا ادراك ذهني مجرد مستقل يمكن حدوثه قبل الادراك العياني؛ المسألة التي خالف فيها طرح كانت الذي رأى أنه لا بد من الانطلاق من المفاهيم المجردة المحضة التي بحوزة العقل وتجريد العقل من كل الخبرات التالية التي اكتسبها بواسطة التجارب و الادراك العياني، هذه النقطة التي يراها شوبنهاور غير ممكنة الحدوث.
انتقد في كتابه هذا التعليم المنطقي المنهجي قائلاً إن المنطق بلا فائدة عملية رغم إشارته بضرورة تعلمه كمقدمات للفلسفة، كذلك انتقد الطرح الموجود في زمنه للرياضيات الذي يركز فقط على معرفة النتائج الحسابية دون طرح السؤال لماذا و كيف نتوصل لهذه النتائج الحسابية، وبالمثل انتقد اقليدس ومبانيه الهندسية. معتبراً أن علم الرياضيات يمكن الاستدلال عليه بواسطة الادراك العياني بعكس علم الهندسة الذي يحتاج إلى العديد من المفاهيم المجردة .
تميزت فلسفة شوبنهاور في هذا الكتاب بعمق الطرح و الاستدلالات والابتعاد قدر الامكان عن اللغة الفلسفية الجافة، حيث كان هذا الكتاب يقدم الأفكار ممزوجة بكثرة طرح الأمثلة والاشارة إلى الشواهد والحوادث لتعزيز الفكرة المطروحة .
وفي الختام أقول بأن هذا الأثر الفلسفي الكبير رائع بحق و جدير بالمطالعة و التأمل فيه و قراءته من أجل فهم العالم بصورة أوضح.
تحميل كتاب العالم إرادة وتمثلا - آرتور شوبنهاور
كتاب العالم إرادة وتمثلا تجميل مجلدين الاول والثاني pdf ، وكما اشترط في مقدمة كتابه على القارىء أن يعيد قراءة هذا الكتاب مرتين، فيبدو لي أنه لا بد من ذلك.
تحميل المجلد الاول العالم إرادة وتمثلا جزء1
- اسم الكتاب :العالم إرادة وتمثلا
- ترجمة: سعيد توفيق و فاطمة مسعود
تحميل المجلد الاول
📥 لتحميل كتاب "العالم كإرادة وتمثُّل المجلد الأول والثانى." لأرتور شوبنهاور، يمكنك زيارة الرابط التالي:
العالم إرادة وتمثلا جزء 2 - آرثر شوبنهاور
شوبنهاور: الفيلسوف الذي رأى العالم كإرادة وتمثُّل
يرى شوبنهاور أن العالم يتكون من إرادة عمياء وتمثُّل، حيث تُعتبر الإرادة القوة الدافعة وراء كل شيء، بينما التمثُّل هو الطريقة التي ندرك بها العالم. في هذا السياق، يُعتبر الفن وسيلة لتحرير الإنسان من قيود الإرادة، مما يمنحه لحظات من الصفاء والتأمل.
الفن كملاذ: الجمال كوسيلة للتحرر من المعاناة
يُبرز شوبنهاور في كتابه كيف يمكن للفن أن يكون وسيلة للهروب من معاناة الحياة. من خلال التفاعل مع الجمال، يمكن للإنسان أن ينسى مؤقتًا آلامه ويعيش لحظات من السكينة. يُشدد على أن الفن لا يُقدَّر فقط بمهارته التقنية، بل بقدرته على نقل المشاعر والأفكار العميقة.
العزلة والتأمل من شروط الإبداع الفني: يُعتبر التأمل والعزلة من الشروط الأساسية للإبداع الفني لدى شوبنهاور. يرى أن الابتعاد عن صخب الحياة اليومية يُمكن الفنان من التعمق في ذاته واكتشاف مصادر إلهامه. في هذا السياق، يُشجع على البحث عن الجمال في التفاصيل الصغيرة والتجارب اليومية.
الإرادة والجمال: صراع داخلي يُغذِّي الإبداع، يُشير شوبنهاور إلى أن الصراع بين الإرادة والرغبة في التحرر منها يُمكن أن يكون مصدرًا للإبداع الفني. من خلال هذا الصراع، يُولد الفن الذي يُعبِّر عن التوترات الداخلية والتجارب الإنسانية العميقة. يُعتبر هذا التوتر دافعًا للفنانين لاستكشاف مواضيع جديدة وتقديم رؤى فريدة.
العالم كإرادة تمثلاً: دليل للفنانين والمبدعين، يُقدِّم الكتاب رؤى قيمة للفنانين وطلاب الفنون، حيث يُشجع على التأمل في الحياة والبحث عن الجمال في كل شيء. يُعتبر هذا الكتاب مصدر إلهام لمن يسعى لفهم أعمق للعلاقة بين الفن والفلسفة، وكيفية استخدام هذا الفهم في تطوير أعمالهم الفنية.
خاتمة: شوبنهاور والفن كطريق للحكمة
في ختام هذا التحليل، يتضح أن شوبنهاور يُقدِّم رؤية فريدة للعلاقة بين الفن والفلسفة. من خلال كتابه "العالم كإرادة وتمثُّل"، يُشجع على استخدام الفن كوسيلة للتأمل والتفكير العميق، مما يُمكن الفنانين وطلاب الفنون من تطوير فهم أعمق لذواتهم وعالمهم.